دعت قطر ومصر، بصفتهما الضامنين الرئيسيين لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة، إلى انسحاب القوات الإسرائيلية ونشر قوة دولية للاستقرار باعتبارهما الخطوتين الأساسيتين لتأمين الانتقال إلى المرحلة التالية من الاتفاق الهش.

 

أشارت صحيفة الجارديان إلى أن هذه الإجراءات وردت ضمن خطة سلام مدعومة من الولايات المتحدة والأمم المتحدة، ونجحت إلى حد كبير في وقف القتال، لكن الأطراف المتحاربة لم تتفق بعد على كيفية المضي قدمًا بعد انتهاء المرحلة الأولى من الاتفاق.

 

ملامح المرحلة الأولى وتعقيداتها

 

اقتضت الخطوات الأولى تراجع القوات الإسرائيلية خلف ما يُعرف بـ“الخط الأصفر” داخل حدود غزة، بينما أفرجت حركة حماس عن الأسرى الأحياء الذين كانت تحتجزهم، وسلّمت رفات معظم المتوفين باستثناء شخص واحد. رغم ذلك، ظل التطبيق العملي لهذه البنود محفوفًا بالتوتر والاتهامات المتبادلة بانتهاك الهدنة.

 

أكد رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني خلال منتدى الدوحة أن اللحظة الراهنة حرجة للغاية، وأن أي وقف لإطلاق النار لن يكتمل ما لم يحدث انسحاب كامل للقوات الإسرائيلية ويعود الاستقرار إلى القطاع. وأوضح أن بلاده، إلى جانب مصر والولايات المتحدة، لها دور محوري في التوصل إلى هذه الهدنة التي استعصت طويلًا على الأطراف.

 

نزع السلاح والعقبات السياسية

 

برزت قضية نزع سلاح حماس باعتبارها إحدى أكثر النقاط حساسية في المرحلة الثانية التي لم تبدأ بعد. تنص الخطة ذات العشرين بندًا، التي قدّمها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في السابق، على أن تقوم الحركة بتسليم أسلحتها، مع السماح لأفرادها الذين يوافقون على ذلك بمغادرة غزة. غير أن حماس رفضت هذا الطرح أكثر من مرة.

 

في تصريح له، أعلن خليل الحية، كبير مفاوضي حماس، استعداد الحركة لوضع أسلحتها تحت سلطة فلسطينية رسمية – وليس دولية – بشرط انتهاء الاحتلال الإسرائيلي كاملًا. وربط الحية بين استمرار السلاح واستمرار ما وصفه بالعدوان والاحتلال، مؤكدًا أن انتفاء الاحتلال سيؤدي إلى نقل السلاح إلى سلطة الدولة.

 

بالتوازي مع ذلك، ينص الاتفاق الذي أقرّته الأمم المتحدة في نوفمبر على انسحاب القوات الإسرائيلية من مواقعها، وتولّي هيئة انتقالية تُعرف باسم “مجلس السلام” إدارة شؤون القطاع، إضافة إلى نشر قوة دولية لضمان الاستقرار. لكن دولًا عربية وإسلامية أبدت ترددًا واضحًا في المشاركة بقوات قد تجد نفسها في مواجهة مباشرة مع فصائل فلسطينية مسلحة.

 

الخط الأصفر ومعبر رفح وشبح التهجير

 

دعا وزير خارجية الانقلاب المصري بدر عبد العاطي إلى الإسراع في نشر القوة الدولية على الأرض، خاصة على امتداد الخط الأصفر، من أجل التحقق من الالتزام بالهدنة ومراقبتها. وجاء هذا الطرح في ظل تكرار حوادث إطلاق نار قاتلة استهدفت فلسطينيين قرب هذا الخط منذ بدء سريان وقف إطلاق النار.

 

من جانبه، أكد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان أن النقاشات حول القوة الدولية ما تزال قائمة، وأن قضايا جوهرية لم تُحسم بعد، مثل هيكل القيادة والدول المشاركة. واعتبر أن الهدف الأول لهذه القوة يجب أن يكون الفصل بين الفلسطينيين والإسرائيليين، لا الدخول في صدام مباشر مع السكان المحليين.

 

أثار إعلان إسرائيلي عن نية فتح معبر رفح “حصريًا لخروج سكان غزة إلى مصر” موجة قلق واسعة في دول المنطقة، حيث عبّرت عدة دول ذات أغلبية مسلمة عن رفضها لأي محاولة تهدف إلى تهجير الفلسطينيين من أراضيهم. ردّت مصر بسرعة ونفت موافقتها على هذا الإجراء، وأكد عبد العاطي أن معبر رفح لن يتحول إلى بوابة نزوح، بل سيُفتح لعبور المساعدات الإنسانية، مع ضمان الحركة في الاتجاهين.

 

في ختام المناقشات، شدّد الشيخ محمد بن عبد الرحمن على أن قطر وباقي الضامنين يعملون بشكل مكثف لدفع الاتفاق نحو مرحلته التالية، لكنه أشار في الوقت نفسه إلى أن هذه المرحلة، من وجهة نظرهم، تبقى مؤقتة، داعيًا إلى حل دائم يحقق قدرًا من العدالة للطرفين ويضع حدًا لدورة العنف المتكررة في القطاع.

 

https://www.theguardian.com/world/2025/dec/06/qatar-and-egypt-urge-israeli-withdrawal-to-secure-next-step-in-gaza-peace-deal